مصريين 25 يناير
اهلا اهلا بيك زائرنا الكريم
نورت المنتدى بدخولك فيه
وهيزيد نور اذا سجلت معانا
وبقيت واحد مننا
اخوات واشقاء مصريين وعرب
مصريين 25 يناير
اهلا اهلا بيك زائرنا الكريم
نورت المنتدى بدخولك فيه
وهيزيد نور اذا سجلت معانا
وبقيت واحد مننا
اخوات واشقاء مصريين وعرب
مصريين 25 يناير
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مصريين 25 يناير

للمصريين واخواتهم العرب
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
***** اهلا بكم زائرينا واعضاء منتدى مصريين 25 يناير فى بيتكم الثانى *****

 

 الإنسان المُبْتَلي نظرات في سورة الإنسان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ام عبد الرحمن
Admin



عدد المساهمات : 196
تاريخ التسجيل : 17/10/2011

الإنسان المُبْتَلي نظرات في سورة الإنسان  Empty
مُساهمةموضوع: الإنسان المُبْتَلي نظرات في سورة الإنسان    الإنسان المُبْتَلي نظرات في سورة الإنسان  I_icon_minitimeالخميس أكتوبر 20, 2011 7:41 am

الإنسان المُبْتَلي
نظرات في سورة
الإنسان

أولا : تقدمة السورة :
1- نلمح من سياق هذه السورة , أنها من بواكير
ما نزل من القرآن المكي , يُظهِر هذا صور النعيم الحسية المفصلة الطويلة , وصور
العذاب الغليظ , وتوجيه الرسول (صلي الله عليه وسلم) إلى الصبر لحكم ربه , وعدم
إطاعة آثم أو كفور ; مما كان يتنزل عند اشتداد الأذى على الدعوة وأصحابها في مكة ,
مع إمهال المشركين وتثبيت الرسول (صلي الله عليه وسلم) على الحق الذي نزل عليه ,
وعدم الميل إلى ما يدهنون به .
2- السورة في مجموعها هتاف إلى الطاعة , واللجوء
إلى الله , وابتغاء رضاه , وتذكر نعمته , والإحساس بفضله , واتقاء عذابه , واليقظة
لابتلائه , وإدراك حكمته في الخلق والإنعام والابتلاء والإملاء .
3- وهي تبدأ
بلمسة رقيقة للقلب البشري, أين كان قبل أن يكون ? من الذي أوجده ? ومن الذي جعله
شيئا مذكورا في هذا الوجود ? بعد أن لم يكن له ذكر ولا وجود , وترى ذلك في قوله
تعالى : {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً
مَّذْكُوراً (1) } .
4- تتلوها لمسة أخرى عن حقيقة أصله ونشأته , وحكمة الله في
خلقه , وتزويده بطاقاته ومداركه , { إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ
أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً (2)} .

5- ولمسة
ثالثة عن هدايته إلى الطريق , وعونه على الهدى , وتركه بعد ذلك لمصيره الذي يختاره
: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً } .
6-
الأبرار عباد الله : { إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا
كَافُوراً (5) عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً
(6)} والتعبير يسميهم في الآية الأولى(الأبرار)ويسميهم في الآية الثانية (عباد
الله). . إيناسا وتكريما وإعلانا للفضل تارة , وللقرب من الله تارة , في معرض
النعيم والتكريم .
7- بعد هذه اللمسات الثلاث تأخذ السورة في الهتاف للإنسان ,
وهو على مفرق الطريق , لتحذيره من طريق النار , وترغيبه في طريق الجنة , بكل صور
الترغيب , وبكل هواتف الراحة والمتاع والنعيم والتكريم : {إِنَّا أَعْتَدْنَا
لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَا وَأَغْلَالاً وَسَعِيراً(4) إِنَّ الْأَبْرَارَ
يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً(5) عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا
عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً(6)} .
8- وقبل أن تمضي في عرض صور
المتاع ترسم سمات هؤلاء الأبرار في عبارات كلها انعطاف ورقة وجمال وخشوع يناسب ذلك
النعيم الهانئ الرغيد : { يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ
مُسْتَطِيراً (7) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً
وَأَسِيراً (Cool إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء
وَلَا شُكُوراً (9) إِِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً
(10)}.
9- ثم تعرض جزاء هؤلاء القائمين بالعزائم والتكاليف , الخائفين من اليوم
العبوس القمطرير , الخيرين المطعمين على حاجتهم إلى الطعام , يبتغون وجه الله وحده
, لا يريدون شكورا من أحد , إنما يتقون اليوم العبوس القمطرير
تعرض جزاء هؤلاء
الخائفين الوجلين المطعمين المؤثرين . فإذا هو الأمن والرخاء والنعيم اللين الرغيد
: { فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً
(11) وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً (12) مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى
الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلَا زَمْهَرِيراً (13) وَدَانِيَةً
عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً (14) وَيُطَافُ عَلَيْهِم
بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (15) قَوَارِيرَ مِن
فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً (16) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا
زَنجَبِيلاً (17) عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً (18) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ
وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً
(19) وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً (20)عَالِيَهُمْ
ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ
وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً (21) إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء
وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً (22)}
10- فإذا انتهى معرض النعيم اللين الرغيد
المطمئن الهانئ الودود اتجه الخطاب إلى رسول الله (صلي الله عليه وسلم) لتثبيته على
الدعوة - في وجه الإعراض والكفر والتكذيب - وتوجيهه إلى الصبر وانتظار حكم الله في
الأمر ; والاتصال بربه والاستمداد منه كلما طال الطريق : { إِنَّا نَحْنُ
نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزِيلاً (23) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا
تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً (24) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً
وَأَصِيلاً (25) وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً
(26) }.
11- وبين المطلع والختام ترد أطول صورة قرآنية لمشاهد النعيم : {
وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً (12) مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى
الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلَا زَمْهَرِيراً (13) وَدَانِيَةً
عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً (14) وَيُطَافُ عَلَيْهِم
بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (15) قَوَارِيرَ مِن
فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً (16) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا
زَنجَبِيلاً (17) عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً (18) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ
وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً
(19) وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً (20)
عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن
فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً (21) إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ
جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً (22)} .
ثانيا : الدروس المستفادة :

1- الدرس الأول: تذكير الإنسان ببدايته وابتلائه وازدواجية استعداده :
أ -
تذكير الإنسان ببدايته : (هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ
يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً ) في مطلع السورة (هل أتى) هذا الاستفهام إنما هو
للتقرير ; ليسأل الإنسان نفسه : ألا يعرف أنه أتى عليه حين من الدهر لم يكن شيئا
مذكورا ? ثم ألا يتدبر هذه الحقيقة ويتملاها ? ثم ألا يفعل تدبرها في نفسه شيئا من
الشعور باليد التي دفعته إلى مسرح الحياة , وسلطت عليه النور , وجعلته شيئا مذكورا
بعد أن لم يكن شيئا مذكورا ? وقيل : )هل) قد (أتى على الإنسان) آدم (حين من الدهر)
أربعون سنة (لم يكن) فيه (شيئا مذكورا) كان فيه مصورا من طين لا يذكر أو المراد
بالإنسان الجنس وبالحين مدة الحمل , وقيل : هل: بمعنى قد، قاله الكسائي وأبو عبيدة.
والإنسان هنا: آدم عليه السلام، قاله قتادة والثوري وعكرمة والسدي.
حين من
الدهر: قال ابن عباس في رواية أبي صالح: أربعون سنة مرت به قبل أن ينفخ فيه الروح،
وقيل الحين المذكور هنا لا يعرف مقداره، عن ابن عباس أيضا، حكاه الماوردي.
لم
يكن شيئا مذكورا: قال الضحاك عن ابن عباس: لا في السماء ولا في الأرض، وقيل: أي كان
جسدا مصورا ترابا وطينا لا يذكر ولا يعرف ولا يدرى ما اسمه ولا يدرى به، ثم نفخ فيه
الروح، فصار مذكورا.
وقال يحيى بن سلام: لم يكن شيئا مذكورا في الخلق، وإن كان
عند الله شيئا مذكورا، ثم لخص القرطبي المعنى العام للآية قائلا: أي قد أتى على
الإنسان حين لم يكن له قدر عند الخليقة، ثم لما عرَّف الله الملائكة أنه جعل آدم
خليفة وحمَّله الأمانة التي عجز عنها السموات والأرض والجبال ظهر فضله على الكل،
فصار مذكورا.
ب- ابتلائه : (نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً)
فيدرك أنه مخلوق لغاية . وانه مشدود إلى محور . وأنه مزود بالمعرفة فمحاسب عليها .
وأنه هنا ـ في الدنيا ـ ليبتلى ويجتاز الابتلاء , فهو في فترة امتحان يقضيها على
الأرض , لا في فترة لعب ولهو وإهمال ! , والمفسرون كافة بلا استثناء على أن النطفة
الأمشاج هي حصيلة ماء الرجل والمرأة والأمشاج أخلاط من الجنسين , وأدوات التكليف
هي: {فجعلناه سميعاً بصيراً} , لأن كلمتي: السميع والبصير تدلان على العقل، وغير
العاقل لا يسمع ولا يبصر، بمعنى: أنه لا يلتقط ما يلتقط عبر الأذن، وعبر العين من
أجل أن يفكر.
ج- وازدواجية استعداده : (إنا هديناه السبيل:إما شاكرا وإما كفورا)
, وزوده
بالقدرة على المعرفة . ثم هداه السبيل . وتركه يختار . . الشكر هو
الخاطر
الأول الذي يرد على القلب المؤمن في هذه المناسبة . فإذا لم يشكر
فهو
الكفور . . بهذه الصيغة الموغلة في الدلالة على الكفران , {إنا هديناه
السبيل} أي دللناه على الطريق الذي يوصله إلى أن يخرج من الابتلاء الذي حففناه به
ناجحاً، والذي إن سلكه فإنه سيكون في النهاية مختبراً ومُمتَحناً ناجحاً. {إما
شاكراً وإما كفوراً} والأصل أن الله عز وجل أرادنا أن نكون: إما شكوراً، أي كثيري
الشكر، لكن الواقع أيضاً أسفر عن أن هذا الإنسان حينما يشكر يشكر قليلاً، ولكن
حينما يكفر يكفر كثيراً، ولذلك قال الله في آية أخرى: {....وقليل من عبادي الشكور ـ
سبأ13}.
2-الدرس الثاني : من صفات الأبرار وما ينتظر الكافرين وصور من نعيم
الجنة لهم :
أ- من صفات الأبرار : {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً
كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً (7) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً
وَيَتِيماً وَأَسِيراً (Cool إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ
مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً (9) إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً
قَمْطَرِيراً (10)} وهي صورة وضيئة شفافة لقلوب مخلصة جادة عازمة على الوفاء لله
بتكاليف العقيدة , مع رحمة ندية بعباده الضعاف , وإيثار على النفس , وتحرج وخشية
لله , ورغبة في رضاه , وإشفاق من عذابه تبعثه التقوى والجد في تصور الواجب الثقيل .

(يوفون بالنذر)فيفعلون ما اعتزموا من الطاعات , وما التزموا من الواجبات . فهم
يأخذون الأمر جدا خالصا لا يحاولون التفلت من تبعاته , ولا التفصي من أعبائه , ولا
التخلي عنه بعد اعتزامه . وهذا معنى أنهم يوفون بالنذر . فهو أعم من المعنى العرفي
المتبادر من كلمة(النذر).
(ويخافون يوما كان شره مستطيرا). . فهم يدركون صفة
هذا اليوم , الذي يتفشى شره ويصيب الكثيرين من المقصرين والمسيئين . فيخافون أن
ينالهم شيء من شره .
(ويطعمون الطعام - على حبه - مسكينا ويتيما وأسيرا). .

وهي تصور شعور البر والعطف والخير ممثلا في إطعام الطعام , مع حبه بسبب الحاجة
إليه . فمثل هذه القلوب لا يقال عنها:إنها تحب الطعام الذي تطعمه للضعاف المحاويج
على اختلاف أنواعهم . إلا أن تكون في حاجة هي إلى هذا الطعام , ولكنها تؤثر به
المحاويج .
(إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا . إنا نخاف من
ربنا يوما عبوسا قمطريرا). .
فهي الرحمة الفائضة من القلوب الرقيقة الرفيقة ,
تتجه إلى الله تطلب رضاه . ولا تبتغي بها جزاء من الخلق ولا شكرا , ولا تقصد بها
استعلاء على المحتاجين ولا خيلاء . كما تتقي بها يوما عبوسا شديد العبوس ,
تتوقعه
ب- وما ينتظر الكافرين : {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَا
وَأَغْلَالاً وَسَعِيراً} فأما ما ينتظر الكافرين , فيجمله إجمالا , لأن ظل السورة
هو ظل الرخاء الظاهر في الصورة والإيقاع . وظل الهتاف المغري بالنعيم المريح . فأما
العذاب فيشير إليه في إجمال: سلاسل للأقدام , وأغلالا للأيدي , ونارا تتسعر يلقى
فيها بالمسلسلين المغلولين ! .
ج- نعيم الأبرار في الجنة : {وَجَزَاهُم بِمَا
صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً (12) مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا
يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلَا زَمْهَرِيراً (13) وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ
ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً (14) وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ
مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (15) قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ
قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً (16) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا
زَنجَبِيلاً (17) عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً (18) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ
وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً
(19) وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً (20)
عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن
فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً (21) إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ
جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً (22)}
فهذه هي الهيئة العامة لهذه الجنة
التي جزى الله بها عباده الأبرار الذين رسم لهم تلك الصورة المرهفة اللطيفة الوضيئة
في الدنيا . . ثم تأتي تفصيلات المناعم والخدمات . (وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا).
. جنة يسكنونها وحريرا يلبسونه , (متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا
زمهريرا). . فهم في جلسة مريحة مطمئنة والجو حولهم رخاء ناعم دافئ في غير حر , ندي
في غير برد . فلا شمس تلهب النسائم , ولا زمهرير وهو البرد القارس !, (ودانية عليهم
ظلالها . وذللت قطوفها تذليلا). . وإذا دنت الظلال ودنت القطوف فهي الراحة
والاسترواح على أمتع ما يمتد إليه الخيال ! , { وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ
مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَاْ.قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ
قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً } , ويطاف على هؤلاء الأبرار بآنية كائنة من فضة ، وبأكواب
وأقداح من فضة - أيضاً - وجعلت هذه الأكواب فى مثل القوارير فى صفائها ونقائها ،
وفى مثل الفضة فى جمالها وحسنها ، بحيث يرى ما بداخلها من خارجها .والطائفين بهذه
الأكواب عليهم ، قد وضعوا فيها من الشراب على مقدار ما يشبع هؤلاء الأبرار ويرويهم
بدون زيادة أو نقصان والطائفون عليهم بذلك هم الخدم الذين جعلهم الله - تعالى -
لخدمة هؤلاء الأبرار . { وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً
. عَيْناً فِيهَا تسمى سَلْسَبِيلاً } . ثم هي تمزج بالزنجبيل كما مزجت مرة
بالكافور . وهي كذلك تملأ من عين جارية تسمى سلسبيلا , لشدة عذوبتها واستساغتها لدى
الشاربين ! وزيادة في المتاع { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا
رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً } , فإن الذين يطوفون بهذه الأواني
والأكواب بالشراب هم غلمان صباح الوجوه , لا يفعل فيهم الزمن , ولا تدركهم السن ;
فهم مخلدون في سن الصباحة والصبا والوضاءة . ثم يجمل السياق خطوط المنظر , ويلقي
عليه نظرة كاملة تلخص وقعه في القلب والنظر: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ
نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً},هو الذي يعيش فيه الأبرار المقربون عباد الله هؤلاء ,
على وجه الإجمال والعموم .ثم يخصص مظهرا من مظاهر النعيم والملك الكبير{عَالِيَهُمْ
ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وحلوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ
رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً} وهم في هذه الزينة وهذا المتاع , يتلقونه كله
من(ربهم)فهو عطاء كريم من معط كريم . وهذه تضاف إلى قيمة ذلك النعيم , ثم يتلقون
عليه الود والتكريم: (إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا). . يتلقون هذا النطق
من الملأ الأعلى . وهو يعدل هذه المناعم كلها , ويمنحها قيمة أخرى فوق قيمتها . .

وهكذا ينتهي ذلك العرض المفصل والهتاف الموحي للقلوب , الهتاف إلى ذلك النعيم
الطيب والفرار من السلاسل والأغلال والسعير . . وهما طريقان . طريق مؤد إلى الجنة
هذه وطريق مؤد إلى السعير !
2- الدرس الثالث : إنزال القرآن وتوجيه الدعاة إلى
زادهم وهو الإتصال بالله:
أ- إنزال القرآن : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا
عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ تَنْزِيلًا } , وهي اللفتة الأولى إلى مصدر التكليف بهذه
الدعوة , وينبوع حقيقتها . . إنها من الله . هو مصدرها الوحيد . وهو الذي نزل بها
القرآن . فليس لها مصدر آخر , ولا يمكن أن تختلط حقيقتها بشيء آخر لا يفيض من هذا
الينبوع . وكل ما عدا هذا المصدر لا يتلقى عنه , ولا يستمد منه , ولا يستعار لهذه
العقيدة منه شيء , ولا يخلط بها منه شيء . . ثم إن الله الذي نزل هذا القرآن وكلف
بهذه الدعوة لن يتركها . ولن يترك الداعي إليها , وهو كلفه , وهو نزل القرآن عليه .

ب- توجيه الدعاة إلى زادهم وهو الإتصال بالله : {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا
عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ تَنْزِيلًا (23) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ
مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا (24) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا
(25) وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (26)} , وفي
هذه الآيات الأربع تكمن حقيقة كبيرة من حقائق الدعوة الإيمانية . حقيقة ينبغي أن
يعيش فيها الدعاة إلى الله طويلا , وأن يتعمقوها تعمقا كاملا , وأن ينظروا بتدبر في
مدلولاتها الواقعية والنفسية والإيمانية الكبيرة . ومن ثم ينبغي للدعاة إلى دين
الله في أي أرض وفي أي زمان أن يعيشوا طويلا في الحقيقة الكبيرة الكامنة في تلك
الآيات , وملابسات نزولها على الرسول (صلي الله عليه وسلم) فهي ملابسات معركة واحدة
يخوضها كل صاحب دعوة إلى الله , في أي أرض وفي أي زمان , وعليهم بالصبر ولو طال
الأمد , واشتدت الفتنة وقوي الإغراء , وامتد الطريق: { فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ
وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا } , ولكن الصبر شاق , ولا بد من الزاد
والمدد المعين: { وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25) وَمِنَ
اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (26)} هذا هو الزاد . اذكر
اسم
ربك في الصباح والمساء , واسجد له بالليل وسبحه طويلا . . إنه الاتصال
بالمصدر الذي نزل عليك القرآن , وكلفك الدعوة , هو ينبوع القوة ومصدر الزاد والمدد
. . الاتصال به ذكرا وعبادة ودعاء وتسبيحا . . ليلا طويلا . . فالطريق طويل ,
والعبء ثقيل . ولا بد من الزاد الكثير والمدد الكبير . وهو هناك , حيث يلتقي العبد
بربه في خلوة وفي نجاء , وفي تطلع وفي أنس , تفيض منه الراحة على التعب والضنى ,
وتفيض منه القوة على الضعف والقلة . وحيث تنفض الروح عنها صغائر المشاعر والشواغل ,
أنه هو الزاد الحقيقي الصالح لهذه الرحلة المضنية في ذلك الطريق الشائك . . وهو هو
زاد أصحاب الدعوة إلى الله في كل أرض وفي كل جيل . فهي دعوة واحدة . ملابساتها
واحدة . وموقف الباطل منها واحد , وأسباب هذا الموقف واحدة . ووسائل الباطل هي
ذاتها وسائله . فلتكن وسائل الحق هي الوسائل التي علم الله أنها وسائل هذا الطريق

والحقيقة التي ينبغي أن يعيش فيها أصحاب الدعوة إلى الله هي هذه الحقيقة التي
لقنها الله لصاحب الدعوة الأولى (صلي الله عليه وسلم)هي أن التكليف بهذه الدعوة
تنزل من عند الله . فهو صاحبها . وأن الحق الذي تنزلت به لا يمكن مزجه بالباطل الذي
يدعو إليه الآثمون الكفار . فلا سبيل إلى التعاون بين حقها وباطلهم , أو الالتقاء
في منتصف الطريق بين القائم على الحق والقائمين على الباطل . فهما نهجان مختلفان ,
وطريقان لا يلتقيان . فأما حين يغلب الباطل بقوته وجمعه على قلة المؤمنين وضعفهم ,
لحكمة يراها الله . . فالصبر حتى يأتي الله بحكمه . والاستمداد من الله والاستعانة
بالدعاء والتسبيح - ليلا طويلا - هي الزاد المضمون لهذا الطريق . . إنها حقيقة
كبيرة لا بد أن يدركها ويعيش فيها رواد هذا الطريق .
4- الدرس الرابع : غفلة
الكفار عن الآخرة ومحبتهم للعاجلة: وهو الفرق بين منهج الرسول (صلي الله عليه وسلم)
ومنهج الكفار : { إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ
يَوْمًا ثَقِيلًا (27)} فهم من غفلتهم عن رؤية الخير لأنفسهم , ومن تفاهة
اهتماماتهم , وصغر تصوراتهم , يستغرقون في العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا ,
ثقيلا بتبعاته , ثقيلا بنتائجه , ثقيلا بوزنه في ميزان الحقيقة , ويذرون اليوم
الثقيل , الذي ينتظرهم هناك بالسلاسل والأغلال والسعير , بعد الحساب العسير ! .

5- الدرس الخامس : ضعف الكفار أمام قدرة الله : التهوين من أمرهم عند الله الذي
أعطاهم ما هم فيه من قوة وبأس , وهو قادر على الذهاب بهم وتبديل غيرهم منهم . ولكنه
يتركهم لحكمة يجري بها قدره القديم فإذا أمهلهم ولم يبدل أمثالهم فهو فضله ومنته
وهو قضاؤه وحكمته: {نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا
بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً (28) } .
6- الهداية والتذكرة بيد الله
يهبهما لمن يطلبهما : ثم يوقظهم إلى الفرصة المتاحة لهم , والقرآن يعرض عليهم ,
وهذه السورة منه تذكرهم: (إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى
رَبِّهِ سَبِيلًا). .
ويعقب على هذه اللفتة بإطلاق المشيئة , ورد كل شيء إليها
, ليكون الاتجاه الأخير إليها , والاستسلام الأخير لحكمها ; وليبرأ الإنسان من قوته
إلى قوتها , ومن حوله إلى حولها . . وهو الإسلام في صميمه وحقيقته: { وَمَا
تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا } ,
ذلك كي تعلم قلوب البشر أن الله هو الفاعل المختار , المتصرف القهار , فتتعلم كيف
تتجه إليه وتستسلم لقدره .
ومن ثم فهو: {يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ
وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31)} , فهي المشيئة المطلقة
تتصرف بما تريد . ومن إرادتها أن يدخل في رحمته من يشاء , ممن يلتجئون إليه ,
يطلبون عونه على الطاعة , وتوفيقه إلى الهدى . . (والظالمين أعد لهم عذابا أليما).
وقد أملى لهم وأمهلهم لينتهوا إلى هذا العذاب الأليم ! .
وهذا الختام يلتئم مع
المطلع , ويصور نهاية الابتلاء , الذي خلق الله له الإنسان من نطفة أمشاج , ووهبه
السمع والأبصار , وهداه السبيل إما إلى جنة وإما إلى نار . .

ـــــــــــــــــــ
المراجع :
ـ التفسير الميسّر مجمع
الملك فهد .
ـ في ظلال القرآن لسيد قطب .
ـ الوسيط لسيد طنطاوي .
ـ تفسير
الجلالين (المحلَّى و السيوطي ) .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://masryen25.forumegypt.net
 
الإنسان المُبْتَلي نظرات في سورة الإنسان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» لطائف ورسائل من سورة الذاريات
» سورة الكهف وبعض قصصها
» اسهل طريقه لحفظ سورة البقره
» مش هينفع تمسكى المصحف ادخلى اقريها"سورة الكهــــف مكتوبة"

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مصريين 25 يناير :: القسم الاسلامى :: القرآن الكريم-
انتقل الى: